الجمعة، 24 يوليو 2015

مقاطع من رسائل كافكا إلى ميلينا



"وعلى رغم كل ذلك، فإنني اعتقد أحيانًا: أنه لو أمكن أن يهلك شخص ما بفعل السعادة، فإن ذلك ما سوف يقع لي. ولو قدر لامرئ أن يموت، وأمكن للسعادة أن تعيده إلى الحياة، فسوف أبقى على قيد الحياة".


"لا يمكنني بصورة ما أن أكتب المزيد عن أي شيء آخر سوى ما يتعلق بنا، ما يتعلق بنا وسط اضطراب العالم، نحن فحسب. كل شيء آخر، هو شيء بعيد. خطأ! خطأ! غير أن الشفاه تغمغم، ووجهي يستلقي في أحضانك".

"لماذا، بالمناسبة، أكون كائنًا بشريًا في الوقت الذي أتحمل فيه كل عذابات هذا الوضع بالغ الاضطراب ... لماذا لا أكون، مثلًا، ذلك الدولاب السعيد في حجرتك، ذلك الدولاب الذي يتطلع إليك مباشرة عندما تجلسين إلى مكتبك، أو عندما تستلقين، أو تأوين إلى النوم (نومًا هنيئًا)، لماذا لا أكون أنا ذلك الدولاب؟ ذلك لأنني سأنهار تحت وطأة الأسى، لو أنني أطلعت على آلامك في خلال الأيام الأخيرة الماضية، وربما حدث لي ما هو أكثر من ذلك"

"نصحتك بالأمس بعدم الكتابة إليّ يوميًا، وما يزال هو ما أراه اليوم وسوف يكون هذا خيرًا لكلينا، ومرة أخرى أعود إلى هذا الاقتراح اليوم، وفوق ذلك فإنني أطلبه بمزيد من الإلحاح - فقط، أرجوك يا ميلينا ألّا تلتزمي بهذا الاقتراح، بل اكتبي إلي يوميًا، على الرغم من ذلك، قد تكتبين في اختصار شديد، رسائل أقصر من الرسائل التي ترسلينها إلي الآن، سطرين فقط، أو سطر واحد، المهم هو أن حرماني من هذا السطر الواحد، سيكون معناه عذابي الرهيب".

"لو أن شخصًا أنقذ من الغرق شخصًا آخر فإنه سيكون عملا عظيمًا بلا شك، لكن لو أنه بعد ذلك أعطى لذلك الشخص الذي تم إنقاذه علي يديه اشتراكًا في دروس للسباحة، فما هو الخير الذي سيتمخض عنه ذلك؟ لماذا يحاول المنقذ للآخرين أن يجعل الأمر بهذه البساطة بالنسبة لنفسه؟ لماذا لا يرغب في أن يواصل إلى الأبد إنقاذ الآخر بوجوده؟ بوجوده المستعد أبدًا؟ لماذا يحاول أن يحول العبء إلى مدرب السباحة؟"

"ولا أزال لم تصلني رسالة عما قاله لك الطبيب، أنت أيتها العربة البطيئة، أنت أيتها الكاتبة السيئة للرسائل، أنت أيتها المشاغبة، أنت أيتها العزيزة، أنت - حسنًا، ماذا بعد؟ لا شيء، سوى أن أستلقي هادئًا على صدرك".

"إنني قذر يا ميلينا.. قذر بلا حد، وهو ما يجعلني أحدث كل هذه الضجة الهائلة حول النقاء".

"ولم أتمكن في فترة ما بعد الظهيرة من مغادرة الفراش، ليس لأنني كنت شديد التعب، بل لأنني كنت (ثقيلًا) ثقلًا بالغًا".

وأخيرًا، يقول كافكا عن رسائله إليها: "كتابة الرسائل تعني أن تعري نفسكَ أمام الأشباح، وهو شيء لطالما كانوا ينتظرونه بفارغ الصبر. كتابة القُبل فيها لا يعني أنها ستصل إلى مكانها المقصود، بينما على العكس، يتخطفها الأشباح على طول الطريق".

مقتطفات من كتاب "رسائل كافكا إلى ميلينا"
تجميع :شيرين ثابت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق