الثلاثاء، 2 يوليو 2013

مدارسنا

أخطأ من يظن أن الرسالة المدرسية تصل للطلاب وتكبر معهم، فأغلبنا لا يتذكر من المدرسة سوى مقالبنا وضحكاتنا وذكريات شخصية ، من يتذكر الجيب والجتا والظل وماذا نفعل بهم في حياتنا؟ ومن يتذكر النظريات الفيزيائية وعلمائها؟ هل نذكر تفاصيل نظرياتهم وكيف درسناها؟ مدارسنا رسالتها إعداد قوالب مكونة من الطلاب تحفظ وتفهم وتقدم اختبارات وتأتي بنتائج عالية وتقيمها المدرسة لتصنف بأنها حققت نجاحا، ولنأتي على عقول طلابنا في عطلاتهم الصيفية أو بعد المدرسة ونقيمها وقتها خارج حدود الاختبار وعيون المعلمين ولنرى النتائج الحقيقية.

لماذا يتخرج بعضنا يفتقر للثقافة العامة ؟ وليس كذلك فقط بل يفتقر للحوار، والنقاش والكتابة ولو جملة واحدة صحيحة ،والتفكير والاستدلال ،وأيضًا التربية والاحترام!! أي كل ما تحتويه المدرسة من مبادئ وتعليم لا يُطبق في حياتنا العملية!  لماذا ؟ لذلك يتبادر لطلابنا الأعزاء سؤال ما فائدة المدرسة؟؟
 من المصائب أن تصبح المدرسة شيئا عاديا اضطراريا !! نحن نفتقر إلى الهدف من نشئة المدرسة في القدرة على التفكير الذي يعطينا كل ما سبق من الحوار الهادئ والنقاش الراقي والقدرة على الابتكار الخلاق والابداع، أصبحت المدرسة تطلب إجابات وتعطي معلومات وحقائق جاهزة ومعدة للحفظ فقط. الطالب يصل للمدرسة بعقل صافي ويبدأ بتكوينه ،و الطريقة التي تصلك بها المعلومة هي محور العملية التعليمية، والمشكلة لدينا الإهمال في طرق التعليم.  من الطرق التي يغفلها المعلمين إثارة الأسئلة وتحفيز العقول على التفكير ، الاستنتاج والاستقراء من الأساس . مشكلتنا تكمن أن العلاج كله نظريات لا يوجد تطبيق، فالطالب يخرج من المدرسة يخشى الكلام أمام مجموعة من الأشخاص مثلا أو يخشى من طرح أفكاره، يخاف من الخطأ ، وقد تجد طلاب يعانون من علل أكبر وأكثر وهو على أساس أنه خارج من مدرسة أي تعليم وتكوين لشخصيته وعقله، ولا يوجد لذلك أثر في حياته!!

لا شك أنه لا يمكن إصلاح نظام تعليمي بشكل مصغر فالنظام كله مدمر وبحاجة لإعادة في الهيكلة والتنظيم من جديد ، وهذا بحاجة لثورة حقيقية في التعليم، سواء من المدرسة نفسها أو من المعلم أو من الطالب ، أو من أسرته.وهناك المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئة الثقافية أيضًا. لكن نحن نحاول أن نتبنى طرق تعليمية بسيطة وغنية بأثرها حتى لو كان الإصلاح فردي فكل شيء له ثمر ونتيجة.

أولا :لا يمكن لوم الطالب على عدم حبه للمدرسة فهو يذهب إليها دون وعي لما يجول فيها ، ومن بعدها تبدأ مشاعره تتكون اتجاه مدرسته حسب ما يراه وما يلقاه من المدرسة. هل هو حب وتعاون أم كره وكأنها سجن؟

في المرحلة الابتدائية يجب أن نقدّر أن الطفل يتخلى عن حياة اللهو واللعب ليلتزم ويتعلم النظام إذن فليتعلمه بجو بسوده الحب والاحترام حتى يحب النظام والالتزام به، وهذا يعتمد على الطريقة والأسلوب في التعامل ، الطفل في هذه المرحلة الابتدائية يحتاج إلى أم قبل أن يحتاج إلى معلمة ، ومن المهم أن ندرك أن هذه المرحلة أهم مرحلة لأنها تعتمد عليها كافة المراحل القادمة، المرحلة القادمة يحتاج الطالب إلى صديق ومن ثم يبدأ دور المعلم الملهم . هكذا تحكم على نفسك كمعلم تؤدي رسالة عظيمة.

مهنة المعلم ابتذلت كثيرا وأصبحت لمجرد النكت أو الاستهزاء بها، وليتهم يدركوا كم هي عظيمة لكنها أهانت نفسها بنفسها، المعلم هو البنية التحتية للمجتمع ويجب أن نعلم أن المعلم يقع على عاتقه إنشاء جيل، فليشكله بطريقة سليمة ليتوجه إلى البناء والإخلاص في الإعمار والأخلاق في التعامل .

أغلب المشاكل النفسية نعانيها بسبب ما تكوّن بداخلنا في بداية حياتنا ومن البدايات هي المدرسة ، الكبت والخجل أو الوقاحة أو عدم الثقة بالنفس أو الغرور أو التهور أو الجبن تلك صفات موجودة لدينا جميعا لكننا دعمناها واكتسبناها أكثر نتيجة مواقف مرت بنا في بداية تكويننا . كلنا أصحاب مسؤولية فلنحملها بصدورنا بخوف وحرص لإيصالها إلى طلابنا الأعزاء ، على المعلم أن يفكر في البداية كيف يجعل الطلاب يحبون المدرسة أو على الأقل يحبون المادة ، كيف يحبون إثارة التفكير وكأنهم يلعبون الحزيرة في حصة الرياضيات ، كيف يحبون الثقافة والعالم في الجغرافيا، كيف يحبون القصص والماضي في التاريخ، كيف يحبون اللغات والاكتشاف ، كيف يكتشفون ويغزون العالم بأذهانهم ؟ . على المعلم أيضا أن يجد طريقة ليصل إلى طلابه ، أن يعاملهم بحسب أعمارهم واهتمامتهم أن ينزل منزلتهم ولا يرى في ذلك عيبا ، الدخول إلى عالمهم يجعل مهمته أسهل في تغيير أفكارهم وتوجهاتهم . عندما يكسب تلاميذه يجب أن يصور أن يجعلهم يحبون أنفسهم حتى يبدعوا ويبتكروا ،امدحهم وحبهم حب غير مشروط، وانهرهم لأنك تحبهم وتريدهم للأفضل . بأبسط الأشياء حتى في الابتسامة تجعلهم يحبون الرسالة التعليمية فتزيح العقبات أمامك ، تخيل أنك تبني بيتا ولا تريد أن تخطئ فيه حتى لا يتحطم هكذا هو وطننا به الأعمدة الأساسية هم الأطفال والطلاب ونريدهم ثابتين صامدين مبتكرين ومبدعين .

كلنا لدينا خطط وأفكار لننهض ولكنها أحيانا تتعارض مع نظام المدرسة أو تربية الطفل أو نصطدم بالواقع لكن هذه الأحلام ليست بعيدة تحقيق شيئا ولو كان بسيطا يسهم في رفع مستوى التعليم وعدم ابتذاله وجعله ورقة وأرقام .
هناك طرق لرقي في التعليم وهي فردية تبدأ من المعلم أولها وأبسطها الابتسامة ، كلمات الشكر والحب ، ومن ثم الطرق لإيصال الرسالة. في النهاية أريد أن نفكر ونجرب ونعمل ، سواء مع أولادنا أو للمعلم في مدرسته .

أرجوكم تذكروا المدرسة ليست شهادة وليست صفوف وسلام وطني وليست سجن ولا عقاب ولا مجرد ثناء، المدرسة بناء بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

أخيرا نجد مساوئ التعليم في المنهاج نفسه أو عدم وفرة المال أي المشكلة الاقتصادية خاصة في رواتب المعلمين فلا يستطيع أن يعطي أكثر مما يأخذ ، أو هناك المشاكل السياسية مع دور المدرسة الفعال ، لكننا نحاول أن نتقن عمل من واجبنا القيام به.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق