السبت، 16 يونيو 2012

يوم شنق الشباب




كل شعوب العالم يتمثل تاريخها في أيام تعد فارقة في عمرها ،فتحمل عبق تاريخها في بنائها ،أو بمزيدٍ من الخسارة والنكبات ذلك هو الشعب الفلسطيني تعددت نكباته ومآسيه وبهول الصدمات التاريخية لم يترك لنا يوماً أو شهرًا إلا وحمل معه الضياع والاغتراب ،وأعراس شهداء وقوافل مهاجرين وتخاذل أثقلنا حتى اصبحت همومه عادة يومية .



حزيران له قصة تحمل وجع الماضي والهزيمة وفخر الإيمان بالنصر وحب الشهادة والتضحية للوطن فيه فقط كان الحق نورًا نتسابق إليه. في حزيران الحزين يوم ليس كمثله يوم حمل معه ثلاثة شهداء إلى مشانق الحرية ،حمل أحلامهم وشجاعتهم ليتسابقوا على الموت سماه ابراهيم طوقان الثلاثاء الحمراء في 17_6_1930 شهدت فلسطين ثورة ،خطف فيها الانتداب البريطاني ثلاثة أبطال سرقوهم مثلما سرقوا أراضينا، بتهمة حب فلسطين ،انتفاضة على الظلم،الدفاع عن الكرامة.


محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير ،سطروا ملحمة مجد وعزة في تاريخ القضية الفلسطينية ،على إثر ثورة البراق ،لمّا تظاهر اليهود وهتفوا الحائط حائطنا وادعوا ملكيتهم الباطلة له،فنظم شباب فلسطين مظاهرة كبيرة ووصلوا إلى باحة حائط البراق ، ومن ثم نشبت الصدامات والاضطرابات بين الفلسطينيين واليهود ،وقامت سلطات الانتداب باعتقالات كبيرة فحكمت بالإعدام على ستة وعشرين فلسطينيا ،ثم استبدلت حكمها وحكمت على أبطالنا الثلاثة بالإعدام ،لمجرد أن الحق وراءه مطالب،هم أعدموا حياة كانت تنتظرهم ،شنقوا احلام الحرية ،يخافون من روح العزة والكرامة التي تحمل همّ وطن يُسلب،وانتفاضة على من يمس مقدساتنا ، لكنهم لم يفلحوا في اعدام عزتهم وكرامتهم هؤلاء شهدائنا يموتون موتًا ثمينًا ،فالشجاعة لشجاع يعلم بأنه يموت في سبيل قضية حق نتصارع بها إلى يومنا هذا.
لا يكفي أن نذكر قضية فلسطين بما تحمله من نكبات دون ذكر عرسانها الشجعان . في ذكرى استشهادهم شهدت فلسطين عرس فخضبوا أيديهم على عادة أهل فلسطين في الأفراح والأعراس ،اعتبروا شهادتهم عرسًا ،تسابقوا على الموت فداء لفلسطين وعندها زاحم محمد جمجوم رفيقه عطا الزير  ليشنق قبله خوفًا أن يشرب حسرة رفيقه وفاز ببغيته ،وكان بعدها دور عطا الزير وعندما قاده الجلاد طلب منه أن يفك قيده ولكن رفض طلبه ،فحطم قيده بقوته ليمشي نحو مشنقته مبتسمًا منتصب القامة فخورًا باستشهاده.



ذكر فؤاد حجازي في وصيته"إن يوم شنقي يجب أن يكون يوم سرور وابتهاج، وكذلك إقامة الفرح والسرور في يوم 17 حزيران من كل سنة. إن هذا اليوم يجب أن يكون يومًا تاريخيًا تُلقى فيه الخطب وتنشد الاناشيد على ذكرى دمائنا المهروقة في سبيل فلسطين والقضية العربية"
وقال أيضا:
" إذا كان إعدامنا نحن الثلاثة يزعزع شيئاً من كابوس الانكليز على الأمة العربية الكريمة فليحل الإعدام في عشرات الألوف مثلنا لكي يزول هذا الكابوس عنا تماماً "
تركوا فلسطين لتكمل تضحيتها وثوراتها ،لتكمل عشقها مع البندقية ،وتستمر ثورتها حتى انتكبت واغتصبت وشُرد اهلها . في ذكراهم لا يسعني أن ارثيهم ،ولكن ارثي حالنا لهم ،هم لم يشهدوا الهزيمة ،ولم يعلموا أن الأمة العربية الكريمة كانت شاهد عيان على ضياع فلسطين في المؤتمرات والاجتماعات وقد أشبعتنا خطابات رنانة والمزيد من التخاذل والعار حتى وصلنا لإقناعهم بأنه كان هناك وطن وكل شبر فيه هوية فلسطينية ،أن هناك شعبًا ضحى ومات وهُجّر لأن مرتزق مغتصب قرر احتلال بيته وقريته أو مدينته .
شنقهم كان انتصارًا ، وحملوا شهادتهم لنذكرهم بعد اثنين وثمانين عامًا ليكونوا رمزًا للتضحية والإيمان بالنصر والانتفاضة. علموا بأنهم وأمثالهم المقاوم كابوس يهدد الانتداب البريطاني والهجرات الصهيونية ،فياليت قومي يعلمون كيف نُخلص للمقدسات التي تُنتهك ولأراضينا التي تغتصب ،ويبتعدون قليلًا عن الموت في سبيل كرسي وسلطة تستنزف لتكون دمية  ،من ضحوا بدمائهم لا يعرفون للانقسام طريقًا لم يتصوروا أن ترخى ايديهم عن البندقية ليتركوها ويتصافحون مع المغتصب ، لم يعرفوا غير هوية فلسطين ،ليت قومي يعلمون أن الوطن ليس للبيع ،ليس مزرعتهم ولا الشعب قطيع عندهم ،والسلام مع الجلاد يكلفهم أرواحنا ، يحكمون بلاد محتلة بمنهج حق مظلم فلا تلومونا طريق البندقية لن يكون ماضيًا ،ما أخذ بقوة لا يسترد إلا بالقوة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق