الأحد، 5 يناير 2014

الطالبة الكسولة تخرجت (2)

تلك الطالبة الكسولة(1) هنا 


قد تخرجت من جامعتها ، وما زالت تجهل الشعور بالفرح والإنجاز ، لا شيء يؤثر بها أهي الفرحة الناقصة جراء وساوس الشيطان لينغص عليها تقدمها، أم أنها لم تعي إلى نفسها بعد !! يبدو أنها ما زالت متخبطة لا أكثر .


لم تكن أمها تسأل عنها كثيرا في المدرسة وهي لا شك تفتقد هذا ، لأن مستواها المتوسط والأقل من المتوسط أحيانا كان معروفا ولا يحتاج للسؤال كما أنها كانت مؤمنة بذاتها وبفصاحة لسانها وبحبها للقيادة أكثر ،والذين حولها يرون ذلك الجانب أكثر من التحصيل الدراسي . فما زالت تتذكر ترأسها لأي وفد يذهب إلى المديرة حتى لو كان الأمر لا يعنيها ، لكنها تحب الكلام كثيرا وإبراز قدرتها على الإقناع ، وقد احمرت خجلا عندما أشادت بها معلمتها في الصف التاسع وقالت أنها مميزة ، كانت كذلك ولم تستمر بذلك . 
هكذا عاشت حالة طيش في الدراسة ، قالوا معلماتها أنها لا تبذل مجهودا وأنها تستطيع التفوق لكنها لعوبة أكثر ، نعم كانت تعرف ذلك وتقصده فكانت تظن أن الحياة قصيرة وجميلة للاستمتاع بها فقط .
أدركت تقصيرها في الدراسة متأخرا عندما شارفت على امتحانات الثانوية وها قد صحت على نفسها وتريد أن تتفوق وتأتي بمعدل لا تدري لماذا ! قد يكون السبب التحدي وإرضاء نفسها ، ونسيت أن التفوق مرة واحدة يأتي في الأفلام التي حفظتها بدلًا من دراستها ومن تلك القصص الخيالية الغبية ! صدمتها الحياة صدمة صغيرة وظنتها كبيرة ، كل شيء تراكمي ومن فعل يدك ولا شيء يأتي من دون جهد وصبر وبكاء وأخيرا الحلم متعب !

وأخيرًا نجحت بتقدير جيد جدًا وتعلم أنها بذلت مجهودًا جيد جدًا وخدعت نفسها بأنها كالعادة لم تُعطي الدراسة حقها وظلّت مشغولة بأحلام -فكرت كثيرا- أنها ستأتيها وهي نائمة على سريرها ! لكن واست نفسها بأنها لم تكن تتوقع من نفسها أكثر من ذلك.
تفاجئت من أهلها ومعارفها أنهم كانوا متوقعين لها الرسوب أو تقدير سيء !! لكنها هي ومعلمتها التي آمنت بها دائما علمتا باستحقاقها لتقدير جيد جدا . تلك المعلمة الرائعة التي جعلتها تكتشف جوانب من نفسها كانت تجهلها ، تلك المعلمة جعلتها تفكر بعقلانية وعلمتها الحوار والنقاش الهادف وفتحت مداركها للثقافة والسياسة والتاريخ والحياة ، لكنها لم تنبهها لعدم الغرور بنفسها ووقعت ضحية الغرور ولكنها خرجت من ذلك الوكر بدرس جيد علمها أن تصحو على نفسها أكثر.

أرادت أن تقول أن التخرج من الجامعة لم يكن سهلا ، آخر سنتين في الجامعة اكتشفت أن تقديرها سيء ويجب رفعه ، لذلك عندما اقترب الأوان أن يفوت سارعت للدراسة الجدية وتخرجت بتقدير جيد جدا وتظن أن تلك قدرتها ولن تعطي المزيد لأنها لا تستطيع أن تُعذب نفسها أكثر في الدراسة :) فهي تؤمن بنفسها خارج التحصيل الدراسي أكثر من أي شيء وهذا ما أعماها عن الحقيقة.

اعتادت أن تحدث نفسها وجها لوجه وتناقشها بعنفوانية وبهدوء أحيانًا ،وتوصلت في لحظة ضعف أن الحلم والأمل والصبر أمور صعبة للغاية لا تطيق نفسها لها ، فهي تعلم حدود قدرتها وبعد سنين طويلة اعترفت أنها ليست مبدعة وأنها ترى نفسها أكبر مما يجب ، ورحم الله امرئ عرف قدر نفسه. لذلك كفت عن الحلم وهي لا ترى التفوق إلا بعيدا ، وقعت في فخ اليأس !! وكان الأمر محزنًا .
وفجأة انطلقت بكتابة هذه المقالة لتحكي لنفسها عن مشاعرها اتجاه الأبداع والعبقرية والجهد والماضي والحاضر وماذا يخبئ لها المستقبل ، وهي تكتب اكتشفت ، أن الإيمان بالنفس هو القاعدة الأولى نحو سمو الذات ، لكن نحتاج لإيمان معقول حتى لا نندهش من ضحالتنا، والسعي هو الأمر المهم وبعدها سيأتي كل شيء .
وسأصير كما أريد يومًا ما ، حتى لا أستيقظ وأنا في الخمسين من عمري أبحث عن نفسي وروحي التواقة لكل شيء ولا أجدها . بل سأصحو وأنا في الخمسين لأشعر بأنني ما زلت شابة تسعى ولا تكف عن الحلم .

هناك تعليق واحد:

  1. الله الله , مرة أخرى أيتها الكسولة! هذه ليست كسولة .. هذه مبدعة :)

    هذه الطالبة, عاشت ماعشته أنا تقريبًا في مراحل المدرسة, أقرب للفشل والإهمال طوال سنوات الدراسة, الوضع متوسط .. لكن آخر أشهر في الثانوية تحسن ولكن معدل جيد! ومن هنا انطلق للحياة :)

    هناك معلم سابقًا كان له الفضل في حبي للكتب, وآخر حبي للشعر, وآخر حبي للغة العربية .. وكثيرون يكون لهم الفضل في حبنا للحياة, في انفتاحنا عليها وتعرفنا عليها :)

    بالتوفيق لهذه الطالبة , المجتهدة .. المبدعة , ليس بالضرورة المعدل الممتاز أو التفوق الكبير في الدراسة, إنما المهم أننا تعلمنا, أثمرت سنوات دراستها ... "استمتعنا!" .. كل ذلك, نحن لا ناخذ المعدل فقط, نأخذ الكثير :)

    بالتوفيق زهراء ..

    ردحذف