الجمعة، 6 سبتمبر 2013

كيف سأكون غدا ؟

في كل مرحلة من العمر لها غايتها وميزتها ،فكنت طفلا لا تعي شيئا من حولك وتضحك على أبسط الحركات وتبكي لحاجة أردتها، كنت إنسانا تكونت لديك قوى في اللعب والبكاء ومقاومة المرض ،وإدراك لمن يضحكك ومن يبكيك ولجوعك وشبعك ومزاجك السيء ومزاج اللعب والضحك ،ونمو في بعض جوانبك حتى صرت صبيا تفهم لكنك ما بلغت النضج في الفكر وتبني أفكار، ولا حرية التصرف، واعطاء أراء وأحكام صائبة فما زلت في طور نموك، هكذا يصنفوك العلماء وأصحاب النفسيات والفلسفات! كل من يولد يمر بهذه المرحلة ، ولكنك وأنت في هذا العمر تحسب نفسك واعيا كفاية وتخطر ببالك أسئلة، وتكوّن مفاهيم ،وتعتقد بأشياء تراها من حولك تمكنك من تبنيها أو النفور منها ،ويمنحك عقلك إدراك الأمور ومراعاة الظروف وكل هذا من محاولات عقلك الصغير استيعاب الحياة وأيضا لا تنسى أنت من البداية تملك عقلا وهذا العقل له تدرجاته في اكتمال فهمه ، لكنه لم ينضج كفاية أي نظرتك متقلبة وغير متزنة لأنك عندما تكبر ستتذكر مواقفك ومستوى تفكيرك وستضحك على نفسك قليلا وقد تنظر لنفسك كحكيم ،وقد تُستفز من نفسك وتظن بأنك غبيا وتتمنى أن ترجع في العمر لتبدل تصرفاتك لكن لا يمكنك ذلك ! وانت لم تكن غبيا بل تصرفت حسب ما يتطلبه عقلك من فهم وإدراك.

انت أصبحت شابا وتريد السباق مع الزمن لتكبر ، لماذا؟ هذا السؤال الذي يتبادر لذهنك عندما تكبر فعلا. انت أردت أن تكبر لأنك تتطلع قدما وإلى الأمام دوما وترى الأفضل في الصعود لكل شيء للمثالية وبعض الحرية والمسؤولية تستعجل بعمرك لتندم لاحقا!
تستعجل ليمنحك العمر تجربة كل شيء وينسيك تجربة حياتك الحالية أن تعيشها بتفاصيلها دون التفكر بأيام وشهور وسنين لتصل إلى عمر معين ، تنسى جمال المرحلة وخيرها. باختصار تنسى بناء نفسك لأنك تقفز بعمرك لتكبر فقط، لذلك عندما تكبر تسأل ، لماذا؟ أوتتمنى لو أنك أصغر قليلا لتعيد أيام شبابك.

تظن أن هناك معيقات وهي مجرد تهيئة لك لتكن إنسانا كاملا بعقلك وقلبك وتصرفاتك، منها المدرسة أو الأهل أو الشارع قد يحبطوك أو يدعموك وغالب الظن أنهم يثبطوا من معنوياتك أو أفكارك وقد تنجرف لتصبح مثلهم ، وذلك أنهم  يخافون مما تجلبه مهما كان خيرا أم شرا يحبون التقليد وما وجدوا آباؤهم عليه حتى لو كانت مخالفات للدين أو العقل ، فمن طبائع الإنسان أن يخاف من وضاعة نفسه ، يحب أن يبقي على صورة نفسه أمام نفسه كاملة ولا ينفرد بها إلا ببعض ليال ويندم على ذلك في الغالب. نعم كلامي صحيح والدليل هو الواقع.

عندما تكبر وتنتهي من كونك شابا وها أنت تخوض في غمار الحياة ولك أن تثبت فيها بوجه ،وعقيدة ما ،وتتبنى شيئا يميزك. إن الإنسان في بداية حياته ،واسميها بداية الحياة لأن لك بصمة وبصمتك هي حياة تضاف لحياة انسانيتك واجتماعيتك. سنعود، الإنسان في بداية حياته يكون صغيرا بما يعتقده وبما يفكر به فهو يكون كالجائع لكل ما هو حوله يريد أن يلتهمه ويتسابق مع نفسه حتى يبرز نفسه أمام الجموع وهذا له أسبابه إما عدم الثقة بالنفس وبنظرة المجتمع فتجتهد لتثبت نفسك أمام المجتمع وانتبه هذا لا يدوم ستتحطم في يوم من الأيام ، والسبب الآخر أنك لا تكتفي بحياة عادية لديك قوة تدفعك للتجربة والفشل والخبرة والمغامرة . وهنا الإنسان يواجه معيقات أيضا هناك شيء ما قد يثبط من همته ويعود عن طموحه ليكون إنسان عادي لأنه اكتفى من الحلم وملّ من الصعاب التي تكدره به نفسه ،ويجهده بها عقله فكل شيء يراد له الصبر والثبات. وهكذا سيتجه إلى ما يريده ويسيره له المجتمع والحياة العادية يعني أنه سيكون عادي لا أثر من وراءه ،ويتزوج كأي إنسان عادي ويرزق بأطفال عاديين وسيربيهم كتربايته العادية وستثبط هممهم مثله بشكل عادي وسيعتاد على الحياة ويحمل أفكار عادية ويظل مَعلم عادي مصيره إلى الزوال . وما عاذ الله أن تكون كذلك لأنك خُلقت لأجل غاية في هذه الحياة وعليك أن تؤدي رسالتك قد تمشي بنصف طريق الرجل العادي لكن، لن تكمل بشكل عادي لأنك ستنتج أطفالا لن يتبعوا مسيرة عادية فرصتك لن تنتهي مهما بلغت من العمر ، واعلم قد تكون رسالتك بأدق الأشياء أو بأصغرها ، قد تكون اتجاه فقير أو مسكين أو عابر سبيل أو بكائن حي آخر . من المهم أن تدرك بأنك لست عاديا ، خلق الله لك الارض وهذه الحياة حتى لا تكون مجرد عابر بها فلك كل هذه الحياة لتجد فرصتك وبصمتك حتى لو كانت بإطعام عصفور لا تستهن بالأشياء لأن كل شيء وفعل له رد فعل وأثر مهما كان صغيرا فهو غير عادي.

نعود لمسيرتك أنت بدأت نحو رسالتك وطموحك مندفعا أعمى تكاد لا ترى غير نفسك، تحتاج إلى يقظة ما تهزك وتعيدك إلى نفسك لتصغر قليلا ، ستعلم أن الحياة صعبة وأمامك الكثير ستثابر وتحاول أن تبلغ الرسالة لكن إياك والخنوع وإياك والكسل . عليك الآن بالاختبار الأصعب أنت ستسلك طريقا ما ، أول الطريق أن تعرف نفسك وماذا تريد ؟ لأن هذان السؤالان لم ينضجا بعد في عقلك لأنك كنت تدخل غمار الحياة بصورة سريعة وطفولية. إبدأ بالإجابة واختر الطريق الأقرب لك ، وادخله ولا تلتفت إلى الماضي وانهض بحاضرك واستعد به للوصول إلى ما تطمح ولا تنظر لمن حولك فهم يرونه بعيدا وانت تراه قريبا أو قد يرونه عظيما وتعود لكبرك ولا يعود لك بصرك بعدها. من المهم معرفة أن رسالتك وثقافتك ستتجلى بنفسك وبداخلك وعلى سلوكك قبل أن تنتجه ليراه الناس، ستراه أنت أولا ولن تحتاج للتحدث عنه بعد ذلك سيكون مرافقا لك أينما تكون. إن الحياة لم ولن تكون سهلة يوما ما لكنك عندما تزرع بنفسك الصبر والتواضع والطموح والحلم سترى كل شيء قريب منك.
هذه يا بني اختصارا للإجابة عن سؤالك ،كيف سأكون؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق