الأحد، 29 ديسمبر 2013

عن الآلة التي تسكننا

تحيط بنا الكثير من المواقف في حياتنا نمر بها غير مكترثين ، لأن هناك شيء يسلبنا من تفاصيل حياتنا وتجاربها ، إنها الآلة الساكنة بنا ، المعتادة على السرعة والوصول إلى النهايات ،مهملة البدايات ،وتفاصيل اشيائنا.
 فعندما تذهب إلى رحلة أكثر ما تحرص على الاهتمام به أخذ كاميرتك ووصول شبكة الانترنت للمكان الذي أنت فيه ، أكثر ما تريده في رحلتك هو التصوير للتوثيق والتباهي والذكرى التي تحفظها على جهازك وتنساها بعقلك، وأكثر ما تريده الكتابة على الفيسبوك والتويتر أنك مستمتع برحلتك ولا يبدو ذلك عليك لأن الاستمتاع لم يسرقك من الروتين الممل في حياتك وهو الكتابة عن تفاصيل حياتك على حسابك في الفيسبوك وتويتر، أنت غير مستمتع في الحقيقة لأنك بحاجة إلى التباهي وكلمات الآخرين وحسدهم حتى تتيقن أن وقتك رائع وستستمتع أكثر . هناك فرق كبير بأن تنظر بعينيك المتأملة إلى منظر طبيعي خلّاق وأن تنشغل بتصويره ، قد تظن أنه توثيق لرحلتك وأنك زرت هذا المكان يوما لكنك لن تفتح الصور يوما وستغيب الصور عن ذهنك وإن شاهدتها لن تستمتع بذلك المنظر بقدر استمتاعك لو أنك توقفت قليلا وركزت كل حواسك مع منظر سرقك من العالم الذي حولك .عدا عن أن الكاميرات والابتسامات الزائفة لا تخزن بعقولنا جمالية المواقف  في الواقع.

هذه الثورة التكنولوجية سلبت العقول والصحة حتى نسب السمنة ومرض السكري بازدياد وهذا ناتج عن قلة الحركة والكسل هذا من ناحية الخمول الجسدي. ومن ناحية أخرى الخمول الفكري فنحن نكتفي بوضع اللايكات على من يتحدث بلساننا دون أن نحاول نقد الفكرة وتحليلها أو الوصول إلى أفضل منها ،ونريح أنفسنا بعدم المحاولة في الانتاج.

حياتنا بحاجة إلى زر توقف لنتأملها وتتوقف الآلة التي بداخلنا عن العمل ونعود لحياة طبيعية، تنظيم الجلوس على الانترنت ، وقت قليل مع النفس لإرشادها ، وقت قليل لمن هم حولك ، وقت للجلوس والحوار والنقاش مع أهلك واصدقائك  بعيدا عن لوحة المفاتيح ،حتى لا تفقد القدرة على التواصل والتحدث بطلاقة وتركيز دون أن تتلعثم وتنسى ما تريد قوله لأنك معتاد على ترتيبه وكتابته على جهازك ، حتى تستطيع انتاج الأفكار واتخاذ المواقف بتركيز حواسك في الحياة من حولك وتمتلك القدرة على التحليل ، نحن نشعر كثيرا بالفراغ في حياتنا على الرغم من وجود اشياء كثيرة قد تسلينا ندخل الفيسبوك ونقضي ساعة وأكثر ونحن نتصفح ونخرج منه كأننا أضعنا وقتنا وهذا بسبب شعورنا بأننا لم ننتج شيئا ولم نشبع وقتنا بفائدة أو فكرة أو تغيير بنفوسنا ؟! نحن بحاجة أن نستشعر التغيير في حياتنا. بأن نصنعه وها نحن في نهاية السنة تقريبا فحاول أن تعيش حياة جديدة بعد هذا العام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق