الجمعة، 23 نوفمبر 2012

ورقة بيضاء




هذه هي 
الحياة متلونة وغريبة، بها ما يكفي للوقوف والدهشة والضحك والبكاء ...لأجد نفسي وأنهرها لهزميتها ،بسبب تلك الحياة التي أشبعتني بكمالها المقيت حينًا والسعيد حينًا تمتد بنا لتشعرنا بعجائبها وأهوائها ،،وتارة ترمينا إلى وعورة الطريق وتارة تحدنا جانبًا لنكن المتفرجين فقط ...أفكر كثيرًا بكلمة ليتنا أتأمل حروفها على أمل استرجاع معانيها لأعيشها باللحظات التي أريدها ،وكيفما أريدها ،،لكنني لا أملك من هذه الكلمة سوى حروفًا جامدة لا تنطق ولا تعبر ولا ترسم أمامها إلا علامات التعجب ،،فاكتفي بها كي أعود كما كنت أريد.


ليتني عدت تلك الصغيرة لا أعلم ولا أفقه خارج حدود بيتي ومدرستي ومسلسل السوري، لا أعرف غير ذلك المقعد في حافلة الرحلة الذي حاربت من أجله لأكون مع صديقة عمري ورفيقتي التي هي اليوم نفسها تبعد عني كثيرًا وبيننا تلك الجسور والحدود وجوازات سفر ...بيننا المطر والبرق والرعد....التي هي نفسها اليوم لا أجد كلمات لنتشارك بها ونضحك بها...غير ذكريات كدت  أنساها....دائما كنا أربعة نمشي الطريق نفسه خلال مغادرتنا لمدرستنا لم تتغير الحارات والأزقة الصغيرة  مازالت كما هي تشكي فقرًا وعبوسًا وشقاوة طفل حينا وعيون خجلة تسرح وتتمرد ،وابتسامات جانبية مخطوفة ،باردة في الصباح صامتة ،وفي المساء تضج بالحياة ،تمسي مزعجة!! لطالما حملت همساتنا ومواقفنا الغريبة والمضحكة والحزينة ولم تشكي يومًا.

وأجمل ما في طريقنا هي إغراء الفساتين المعروضة في عدة معارض نخترقها بعيوننا ونتخيل انفسنا كبرنا واصبحنا عرائس نرتديها ونرسم انفسنا ونحن جميلات ،أقف أمام ذلك الفستان البنفسجي وفجأة أجد نفسي بداخله وارفع يدي وأحيي جمهورًا وهميًا ،الجميع ينظر لي بإعجاب ووحدي أرفع رأسي بعجرفة كأنني لا أرى أحدًا ،الغريب حتى بأحلام طفولتي أبحث عن ذاتي لأرممها وأعيد لها ثقتها ،ومن ثم تمسكني صديقتي وتؤشر على فستان أحلامي وتعدني انها ستشتريه لي هدية  عندما نكبر كفاية ،لكنها لم توفِ بوعدها و لا أدري أهي حية أم لا؟ هل هي الأخرى ارتدت الفستان الذي كانت تحلم به أيضًا ؟ هل لديها أطفال ؟هل كبرت كفاية وتجاوزت أحلامنا ؟ ...فكرنا كثيرًا كيف سنعيش معًا بعد سنين وكيف سنتقابل وعن ماذا سنتحدث؟!وضاع الوقت من بين أيدينا وهرب العمر بنا مسرعًا كأنه خائفًا؟!.

كان زمن يقتصر على أحلام نرسمها ونشاهدها بابتسامة ...كنت أحب أن أكبر بسرعة كي أشاهد الحب وهو يتزين لي كموجة وحيدة أتت من بعيد تداعب أرجلي .. ثم شاهدت الحب فعلًا كورقة شجر سقطت علي وهي بكامل حيويتها وزينتها لكن سقطت حزينة تنكمش على نفسها ربما الريح طردها وأبعدها لتذبل وحدها !!!

كنت أحب الجلوس مع الكبار وسماع كلام يكبرني ،بت أسمعه وأحن للعبتي وطفولتي واتمنى سرقة تلك اللحظات التي كنت اتنصت بها على أحاديث الكبار وأعيدها للعبتي.

.ليتني أعود لأرسم قلب حب وأكتب بداخله ما يحلو لي...ولا أتكبد عناء اليوم في رسم قلوب تهوانا لأجل قلوبنا فقط ...قلوب نخطها لتكن لنا ومعنا.


ليتنا نعود صغارًا نلعب ونخاصم لأجل لعبنا ,,,نبكي لأجل لعبتنا الضائعة،،،،نضحك على ابسط الأشياء على مد اللسان مثلا أو على كلمة تخرج بالخطأ من أفواهنا أو أضحك مرة أخرى مع المهرج ! 
ونلعب حتى نرهق وننام دون إن تسيطر علينا أشباح وأوجاع ذاك الماضي وبفعلته تستقبل وسادتنا دموعنا .

ليتنا نعود لطفولتنا قليلًا ونحن ننتظر نهاية السنة بلهفة حتى نستطيع إلتعود على كتابة سنة جديدة في دفاترنا ونزينها بقليل من الورود وكأننا نأمل إن تكن أجمل من أي سنة مضت،،،،الآن انتظر بكل شوق أن تنتهي هذه السنة لتزيل كثيرًا من مواقف ارتبطت بها لتصبح ذكريات استطيع تدميرها، أرجو أن تزول حتى أستقبل سنة جديدة لأنثر وردًا وأتمنى أن تذهب بسلام ولا أتمنى انتزاعها من ذاكرتي فلتكن أجمل فقط.


لماذا لم أعد أتحدث مع دميتي ؟،،لماذا لم أعد أخاف عليها من البرد وأغطيها لأحميها؟! لماذا لم يعد ذلك الشارع يستقبل مرحي؟،لماذا لم أعد أستمتع باللعب تحت المطر؟لماذا أهرب منه مسرعة هل أخاف من قطرات المطر ؟!،،،لماذا أحلامي لا تتسع لخيالاتي بكوخ دافئ وزرقة سماء صافية وشجرة عالية أصعد عليها وأبني عليها بيت من خشب ،وهن لكنه يحتفظ بأسراري ،،لماذا الآن أخاف من الأماكن العالية فلم أعد استمتع بحلمي في بيت خشبي على الشجرة؟! تبًا لها سندريلا وفتاة الحي في المسلسل المكسيكي لاشيء في حياتنا يتحقق بلمسة أو بلحظة وكل ما نتمنى نراه أمامنا .
أنظر من نافذة الحافلة أرى كل شيء يرجع للوراء ،وأنا أتقدم انظر للعمارات والبيوت والبشر كلهم كصور ماضية أسرعت بالمضي عنها ،تركتها كما هي ،وذهبت كالهباء مثل صورنا مع من نحب ،مع من يحملون همومنا ونكبر معهم مضت بلحظة وأصبحت ماضيًا وعدنا لنعيش على الهامش بعيدون جدًا عن أمآلنا ،وأعود لتلك القوقعة أجلس بداخلها لأدرك أنني لا استطيع الخروج عن حدود هذه الصفحة التي أكتب عليها ،،،فاستيقظ أرفع رأسي لأجد صفحتي البيضاء مليئة برسومات ،،،نعم كنت أرسم حلمًا بمخيلتي وانتهى بورقة فقط.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق